الاثنين، 14 فبراير 2011
الشعب الذي اكتشف ذاته ..
من صبر شعبنا العظيم على المكاره الذي تحدى صبر أيوب !.. من وعيه العميق بدوره الرائد الذي غاب فى حياة أمته ، ومن إيمانه الراسخ بأن الحرية هي إرادة الله وأن ماعداها وهم زائل ، وبأن الحياة بلا معنى ليست جديرة بأن تعاش ،وأن الاستشهاد من أجل هذا المعنى حياة .
من كرامتنا المهدورة باتفاقيات المهانة والذل من كبريائنا الذليل ..بتحالفات مع العدو ضد أنفسنا .. ومن عرقنا المستباح بلا رحمة .. ومن صلف عصابة باغية استولت على سلطة شعبنا وثروته ..ودفعت بنا بعيدا على حواف الموت .. تحت خط الفقر في المقابروالعشوائيات ..من حريتنا المغتصبة.. بصنوف من العنف المادي ينافس همجيات القرون الوسطى .. وبألوان من العنف المعنوي و التضليل الإعلامي والتسطيح الثقافي والفن الهابط فى محاولة يائسة لتخديره، ووأد كل ماهو جميل فى حياته.
وأخيراً .. رغم هذا كله .. ورغم مواجهة بالغة الضراوة لشبابنا وثوارنا في ميادين مصر وساحاتها على امتداد سبعة عشر يوماً مجيدة .. وبعد ليل طويل حالك .. انتصرت الثورة الشعبية في مصر .. وجعلت من انتصارها يوم الخامس و العشرين من يناير من عام 2011 مسيحي يوماً تاريخياً في حياة شعبنا وأمتنا وفي حياة العالم أجمع .
انتصر الشعب العربي في مصر .. وحول انتصاره الجماهيري المهيب إلى رسالة قوية نابضة .. و إنذارٍ مكتوب بدم شهدائه وجرحاه... إلى كل طواغيت الأرض .. و الآلهة من دون الله .. ومصَّــاصي الدِّماء .. و المتاجرين في عظام البشر .. كما جعل منه بشرى إلى أحرار العالم من طلاب الحرية بأن عصر الجماهير آت لاريب فيه .. وأن ربيع أمة العرب قد أهل علينا بوعوده وتباشيره.
انتصر الشعب العربي في مصر .. مع أنه بدأ المواجهة وحده .. فقد أنكرته المعارضة المتهالكة .. في بداية الأمر .. لكن شبابه المؤمن بحريته وحقه المشروع في الحياة .. وصموده الرائع .. تمكن من توحيد مصر بكــل أطــيافهــا .. رجالهــا و نسائهــا .. شبابهــا و شيوخـهــا .. مسلميهــا و مسيحييها .. ومن صهرهم جميعاً في بوتقة واحدة .. وأن يجعل من حضورهم المهيب قوة معادلة لكل أجهزة القهر .. ولكل قوى البغي و الطغيان .
انتصر الشعب العربي في مصر .. في ملحمة رائعة من ملاحم الكفاح .. تقدم لكل شعوب الأرض ولكل طلاب الحرية درساً و نموذجاً عملياً .. بأن إرادة الشعوب أقوى من إرادة الجلادين ، وأن عصر الشعوب حقيقة واقعة . وأن انتصارها .. يقين لاريب فيه .
انتصـر الشعــب العربـي فـي مصــر .. لينفض عــن نفســه غبار اليــأس و الإحباط و المهانة و الخوف ويمسك بمكامن قوته .. ويسخرها لبناء حياة مظللةٍ بالأمان والعدل و الحرية و التقدم .
انتصر الشعب العربي في مصر .. ليسترد مكانته وموقعه الطبيعي طليعة لأمته العربية على طريق الحرية و الكرامة و المجد .. وليجعل من مصرنا العربية .. قلباً نابضاً للأمة العربية على طريق الوحدة و التحرر .
انتصر الشعب العربي في مصر .. في مواجهة التفاوت المهين الذي جعل نصف تعداد شعبنا يعيشون دون مستوى الكفاف.. في حالة فقر بلا قاع .. وقلة باغية تعيش الغنى الفاحش بلا سقف !!
انتصر شعبنا العربي المصري .. في مواجهة الفساد الذي أتى على أخضرها ويابسها دون رحمة .. ليعلى حق الشعب في ثروته ومقدراته .
انتصر شعبنا العربي في مصر .. ليؤكد بإنجازه التاريخي الرائع .. أن الثورة الشعبية كامنة في فطرة الثوار .. وأن الشعوب عند منحنيات التاريخ الخطرة .. تجد نفسها وجهاً لوجه .. مع أدوات الثورة الشعبية .. ملاذاً حقيقياً لا يخذلها أبداً.. في تحقيق أمنهم أو تنظيم شؤون حياتهم .
انتصر شعبنا العربي في مصر .. ليؤكد أن الشعوب في معمعان الثورة .. تكتشف جوهرها الحقيقي .. وتمسك بمقابض قوتها.. وتتحول إلى زلزال يـدمر كـل قـوى الشر المتجسـدة فـي الدكــتاتوريـة ، و الفسـاد ،والقهر ، و التفاوت ، و التطفل على العرق والابتزاز .
انتصر شعبنا العربي في مصر .. ليؤكد للدّنيا كلها أصالة أمتنا العربية ، وقدرتها على الإسهام الحق في حياة العالم ... ، وأن شعوبها قادرة بالثورة السلمية على انتزاع سلطتها وثروتها من غاصبيها ، وإعادة صنع الحياة ، من جديد وفقاً لمصالحها و إرادتها .
الأهم من هذا كله أن شباب مصر الذين فجروا الثورة الشعبية في ربوعها في سابقة لم يعرفها العالم منذ الثورة الفرنسية .. لا يحتاجون إلى من يذكرهم في هذه الأيام المجيدة .. بأن ألاعيب طلاب السلطة ليست لها نهاية .. وأن فلسفة السكون و التراجع و الرَّدة تنشط ، وتطل برأسها مع كل صعود جماهيري....
إنهم ببساطة يعرفون أن مصر لا تحتاج إلى تغيير رئيس برئيس ... ولا برلمان ببرلمان .. وأن الشعب وحده هو البديل الذي لا يخدع ولا يخون .
وبعد .. فإنني لا أجد ما أختتم به تحيتي إلى من قاموا بهذا العمل العظيم.. وإلى جيش مصر الذي صدق وعده مع جماهيره .. إلا أن أستعير عبارة جاءت عن لسان واحد من شباب هذه الثورة التاريخية.. يقول فيها «لقد غيبوا شعب مصر طويلاً .. وقد آن الأوان أن نقول له بعد انتصار ثورته : مرحبا بشعبنا العظيم... ونحمد الله على سلامتك .. نحمد الله على سلامتك «.
بقلم : د. محمد رضا طلبه
الجمعة، 7 يناير 2011
الوصول إلى الفقراء
الوصول إلى الفقراء
هل يستطيع التنظيم العالمي الراهن أن يصل حقاً إلى الفقراء في عالمنا ..؟، وهل يرغب - حقاً- في استئصال جذور آفة الفقر ، أو حتى التخفيف من آثارها ..؟ وهل يستطيع أغنياء العالم ومترفوه .. الذين اغتصبوا أكبر حصة من ثروة العالم .. هل يستطيعون أن ينتشلوا من براثنه بعضا ممن وقع عليهم البلاء بأكبر نصيب من الفقر ، وأوفر حصة من آثاره ؟.
ربما تبدأ الإجابة عن هذا السؤال المركب من محاولة الإحاطة « بمشكلة الفقر .. والفقراء .. والأكثر فقراً » .. في عالمنا المعاصر ، إلى الكشف عن أبعادها الإنسانية ، وتقصى آثارها على حاضر الجنس البشر ومستقبله ، ثم إلى أسلوب مواجهتها عالمياً ، ومدى صدق هذه المواجهة .. وذلك قبل الحديث عن الرؤية الجماهيرية ، ومواجهة المجتمع الجماهيري لمشكلة الفقر .. .
أولاً : الفقر .. والفقراء والأكثر فقراً
بقدر ما قدمته طفرة الاتصال والمعلومات من فرص وإمكانات بغير حدود لتحقيق الحرية ، وتحرير الحاجة ، فإن عالمنا .. ومع نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين لا يزال محكوماً بمفارقة مثيرة .. تتمثل في استمرار انتشار الفقر ، وتفاقم آثاره .. بطريقة تكشف الطابع اللإنساني للحضارة السائدة في عالم اليوم وتعرّية عندما نقترب من حقيقة حجم مأساة الفقر في عالمنا المعاصر .. نجد أنفسنا أمام ثلاث درجات من مستويات تغلغله في جسد العالم وشرايينه الفقر المدقع .. أو الأكثر فقراً .. وهي الحالة المتأخرة للمرض التي تسبق الموت مباشرة .. وسنجد ضحاياها بمعيار الدخل يعيشون بأقل من دولار واحد يومياً يشكلون خمس سكان كوكب الأرض ، ويصل عددهم إلى 1.31ملياراً .. غالبيتهم الساحقة من البلاد النامية .. وتحتل النساء بينهم نسبة أعلى من الرجال .. أما عنوانهم الدائم على خريطة العالم .. إفريقيا جنوب الصحراء ، وجنوب وغرب آسيا ، والصين ، وأمريكا اللاتينية ، والبحر الكاريبي .. يشاركهم مأساة الفقر المدقع ، الشعوب الأصلية ، والمهاجرون غير الشرعيين في الدول الغنية ..!!
< ضحايا الجوع أو الدرجة الثانية من درجات تغلغل المرض .. أعراضه الظاهرة هي الافتقار إلى الحد الأدنى من الأمان ، بسبب العجزة عن تدبير الاحتياجات الأساسية ، أو التمتع بالحقوق الأساسية .. سنجد ضحايا هذه الأعراض أكثر من ثلاثة مليارات نسمة من العالم النامي ، قرابة نصف سكان الكوكب ، عددهم ينمو دون توقف .. أما آثاره المأساوية .. فيكفينا أن نرصدها على ضحاياها من أطفال الدول النامية خلال قائمة مثيرة تضم ثمانية ملايين طفل يموتون جوعاً كل عام ، وتضم القائمة خمسين مليونا يصابون بعجز عقلي أو بدني ، ومائة وثلاثين مليونا يحرمون من فرص الدارسة ، ومائة وخمسين مليونا دون سن الخامسة يصابون بسوء التغذية ، ومائتي وستين مليونا يعانون من فقر الدم !. < من هُمْ في دائرة الفقر .. إنهم بتعريف الأمم المتحدة من يعانون «الحرمان من الخيارات والفرص ، وانتهاك الكرامة الإنسانية ،» وليست لديهم القدرة على المشاركة بفاعلية في المجتمع » .. ويعانون مادياً من عدم توفر ما يكفي لغذاء الأسرة وكسائها ، أو في عدم وجود مدرسة أو عيادة يمكن الذهاب إليها ، أو أرض لزراعة الأنتاج الغذائي ، أو عمل لكسب العيش ، أو ما يستتبع ذلك من شعور الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية بعدم الأمان ، والضعف ، والاستعباد ، والتعرض للعنف ». إذا اعتمدنا تعريف الأمم المتحدة أو توصيفها للفقر .. وإذا كانت كل درجة من درجات المرض .. تشمل - بالضرورة- أعداد الضحايا من الدرجات التالية لها .. فإننا سنجد أن 75% من سكان الكوكاً يعيشون في دائرة الفقر . هذا في الوقت الذي تؤكد كل الدراسات أن كوكباً يمتلك من الإمكانات والموارد مايكفي لتحقيق الرفاهة لكل سكان الكوكب . ثانيا : المواجهة العالمية .. لمشلكة الفقر منذ التسعينات ، وخلال القمة العالمية للتنمية الاجتماعية التي انعقدت في كوبنهاجن عام 1995مسيحي ، أكد 117رئيس دولة ، وممثلون عن بقية دول العالم « بأن القضاء على الفقر يشكل حتمية أخلاقية واجتماعية وسياسية واقتصادية للبشرية » ، كما أعلنت القمة في حينها إطاراً عاماً لحركة الأمم والشعوب في اتجاه تحقيق هذا الهدف . « أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن » إشباع الحاجات البشرية الأساسية عنصر ضروري للقضاء على الفقر ، وأن هنالك ترابطاً وثيقاً بين الاحتياجات الصحية ، والتعليمية ، والإسكانية والثقافية « .. ولقد تحولت مقاومة الفقر إلى هدف مهمين على منظومة الأمم المتحدة / وبصورة خاصة في برنامجها الإنمائي /، » . في الواقع ، فإن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من خلال تقارير التنمية البشرية قد ساهم .. في الاتجاهات التالية :- أولاً : - اعتبار أن الفقر هو «مايفرض من الخارج من غياب الفرص والاختيارات ، الأكثر أساسية للتنمية البشرية مثل فرصة العيش حياة طويلة وسليمة ، والتمتع بمستوى معيشي لائق بالإضافة إلى التمتع بالحرية والكرامة ، واحترام الذات واحترام الآخرين ». < إن هنالك ترابطاً بين حقوق الإنسان ، والتنمية البشرية المستدامة .. فلا يمكن أن تكون التنمية البشرية مستدامة في غياب الأنصاف ، وحكم القانون .. أو في وجود بوادر التمييز العرقي ، أو الديني ، أو التمييز بين الجنسين . < إن العالم لديه القدرة و القضاء على الفقر المطلق ، وإن منظومة الأمم المتحدة تلتزم توجيه المجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف < إن الاستثمار من أجل الفقراء « بما فيهم النساء والأطفال» يتيح أفضل ضمان للنمو المتواصل ؛لأنه ينطوي على تحقيق مكاسب إنتاجية في المستقبل . < إن القضاء على الفقر يمثل شرطاً غنّياً عنه للسلام ، والقبول بتحديات التنمية .. وإنه بدون المشاركة الفعالة للفقراء في التنمية لايمكن مواجهة مشكلة الفقر . ثانيا :- اعتبرت الجمعية العامة أن مواجهة الفقر .. تبدأ بإقرار الحق في التنمية كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان ، وأن التنمية بهذا المعنى .. هي عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية شاملة ، تستهدف التحسين المستمر لتحقيق الرفاهة لكل السكان على أساس مشاركتهم النشطة والحرة والهادفة في التنمية ، وفي التوزيع العادل للفوائد الناتجة عنها . إن حق التنمية لكل إنسان ، ولكل الشعوب يتجسد في وجود خطة للتنمية الشاملة يتمتع كل بثمارها . ثالثاً :- إن خطة التنمية الشاملة يتعين أن تتأسس على إستراتيجية «حق الإنسان في التنمية» ، وعلى وجوده - فاعلاً - في توفير متطلباتها .. بدلاً من « إستراتيجية الاحتياجات الأساسية للفقراء » .. التي تحمل في حياتها بعض الشفقة ، وتستبطن معنى المنّ على المواطنين المحتاجين . رابعاً :- إن مثل هذه الإستراتيجية لايمكن أن توحد إلا على أساس واحد .. هي أن يكون الإنسان موضوعاها الرئيس ، وهو هدف التنمية وأدائها في الوقت نفسه . 2/5 لقد قدمت هذه القناعات لتبني خطة متكاملة بالتصدى للفقر يلخصها أمين عام الأمم المتحدة .. أمام الجمعية العمومية على النحو التالي :- في ظل مكاسب اقتصادية لم يسبق لها مثيل .. هناك 1.2مليار شخص عليهم أن يعيشوا على أقل من دولار واحد ، ويقترن هذا الفقر المدقع بتفاوت شديد بين البلدان ، و تفاوت أشد في داخلها في كثير من الأحيان ، ما يشكل إهانة كبرى لإنسانيتنا المشتركة ، ويفاقم مشاكل كثيرة من بينهما الصراعات الدموية .. إن تعداد سكان العالم لايزال يرتفع بسرعة الزيادة التعددية وترتكز في أشد البلدان فقرا .. ولابد لنا كذلك من العمل على خفض الفقر المدقع بمقدار النصف في أنحاء العالم كافةً قبل 2015 .. وذلك في المجالات التالية :- تحقيق التنمية المستدامة - وهذا يعني قبل كل شيء ضمان تمكين جميع الناس بالبلدان النامية في الاستفادة من النماء للإيجابية للعولمة . تأمين التعليم الابتدائي لجميع الأطفال بحلول عام 2015، مع إتاحة فرص متكافئة للجنسين في جميع مراحل التعليم . < إيجاد سبل توفير فرص العمل الكريم للشباب تجاه المشاكل التي تؤثر على 90% من سكان العالم < تخفيض معدل الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة بين الشباب بنسبة 25% بحلول عام 2010. < الارتقاء بمستوى الأحياء العشوائية .. ودعم خطة العمل التي تحمل اسم « مدن بلا أحياء عشوائية ..» التي تستهدف تحسين معيشة 100مليون يقطنون تلك الأحياء بحلول عام 2020. < معالجة أوضاع الإنتاجية الزراعية المنخفضة في إفريقيا . وحث دول العالم على مساعدتها . < بناء جسور رقمية تربط البلدان الغنية بالبلدان النامية ، وتساعدهم على القفز فوق المراحل الأولى من التنمية ، وبذل كل مايمكن وصول شعوبها إلى شبكات المعلومات . < أن تقوم البلدان الغنية بفتح أسواقها أمام منتجات البلدان الفقيرة ، وأن تخفف عليها من عبء الديون بشكل أعمق وأسرع ، وأن تقدم المزيد من المساعدة الإنمائية الأفضل توجيها . أخيراً أن تتحول هذه الخطة إلى برنامج عام تمتد واجباته إلى عام 2015.. وهو مايعرف ببرنامج أهداف الألفية الذي يمكن تلخيصه على النحو التالي :- < القضاء على الفقر المدقع والجوع بتخفيض نسبة من يحصلون على أقل من دولار، ومن يعانون الجوع إلى النصف حتى عام 2015مسيحي . < تحقيق التعليم الأساسي على مستوى العام ، و ضمان حق التعليم الأساسي لكل الأطفال البنيين والبنات حتى بداية 2015مسيحي . < تحقيق المساواة بين الجنسين ، وتمكين المرأة من القضاء على التفرقة بين الجنسين في كل مراحل التعليم في وقت لا يتجاوز 2015 مسيحي . < تخصيص الأطفال حتى عام 015 2تحسين صحة المرأة الحامل و تخفيض نسبة وفاة النساء الحوامل بنسبة 75% حتى عام 2015. < معالجة فيروس نقص المناعة المكتسبة ، وقت انتشار الفيروس حتى عام 2015. < استمرارية تحسين البيئة ، حل مشاكل المياه والمناطق العشوائية ، وبناء شراكات من أجل البيئة ، وتطوير نظام يتجاوب مع متطابات ذوي الاحتياجات الخاصة . من الطبيعي أن تتحول هذه الإستراتيجية إلى إستراتيجيات فرعية على المتسوى الوطني .. وإلى خطط وبرامج تستهدف القضاء على الفقر ، والتحرر من عبودية الحاجة ، بمشاركة واسعة من المواطنين .. ويكاد يكون هنالك اتفاق عام ، في إطار المبادئ التي أعلنتها الأمم المتحدة .. يرتكز برنامج مواجهة الفقر على المستوى الوطني .. على مجموعة من القيم التي تحكم هذه المواجهة .. وعلى مهمات عملية أو برامج تقنية تحققها في الواقع العملي . أما من ناحية القيم فتتمثل في :- - إدارة سياسية مؤمنة بحق كل الناس في الحياة والحرية والكرامة الإنسانية . - مفهوم واضح لحقوق الإنسان يتخطى الحقوق الشكلية إلى حق الإنسان الجذري في السلطة ، والثروة . - رؤية موضوعية لقضية الفقر في ارتباطها الوثيق بحقوق الإنسان ، والتنمية والعدالة . أما على مستوى المهمات العملية والبرامج فقد تم :- . - تنفيذ تنمية مقاومة للفقر تحقق النمو الاقتصادي لصالح الفقراء . - توفير بنية تحتية مادية تستهدف المجتمعات ذات الدخل المنخفض . - توفير الخدمات الأساسية لكل الناس ، وتوفير فرص عمل دائمة للفقراء . - تحقيق المساواة والإنصاف بين الجنسين في الفرص والمسؤوليات . - تحقيق الأمن الغذائي للأسر ذات الدخل المنخفض . - تمكين الفقراء من السلطة ، وضمان حسن إدارة الموارد . - إدامة تجديد الموارد التي يعتمد عليها الفقراء . - الحماية الاجتماعية للفئات المضطهدة . يرتكز برنامج مواجهة فجر على الأسس التالية :- < حق الإنسان في الكرامة الاجتماعية ، وفي التعليم ، والعمل ، والصحة ، والغداء ، وحق المرأة في المساواة مع الرجل في الفرص والمسؤوليات ، وفي الحقوق المدنية والسياسية . < تنفيذ مبادرات تشريعية تتعلق بضمان حد أدنى من الدخل والتمويل الصغير ، وصناديق الاستثمار لصالح الفقراء ، وإعادة التدريب المهني ، والبرامج الإعلامية لكل الناس ، وقوانين مكافحة الفساد ، وإدارة محلية تتسم بالحيوية والنشاط . < ضمان حقوق الإنسان في حد أدنى من الدخل وفي تمويل المشروعات في حد أدنى من الدخل ، وفي تمويل المشروعات الصغيرة ، وفي الاستفادة من صناديق الاستثمارات الاجتماعية ، وفي الاستفادة من البرامج التدريبية ، وحق التقنيات في التعليم المجاني ، و المشاركة في البرامج الإعدادية ، وفي نظام ضريبي ونهائي يتم بالعدالة والنزاهة .. المحتويات مقدمة أولاً : الفقراء ، والفقر ، والأكثر فقراً . ثانيا : المواجهة العالمية ... لمشكلة الفقر. ثالثا : الطريقة العالمية لمشكلة الفقر. رابعاً : مؤسسات التوثيق والوساطة والرقابة ومشكلة الفقر . خامساً : منظمة الموفقين والوسطاء والرقابيين الأفارقة .. الفقر في إفريقيا سادساً : النظرية الجماهيرية .. ومشكلة الفقر سابعاً : المجتمع الجماهيري .. ومشكلة الفقر . ثامناً : نحو برنامج عالمي لتحدي الفقر .
محمد رضــــا طلبة نشر فى الزحف الاخضر الخميس, 1 صفر 1379 و.ر الموافق 6 يناير 2011 الـعــدد6001
هل يستطيع التنظيم العالمي الراهن أن يصل حقاً إلى الفقراء في عالمنا ..؟، وهل يرغب - حقاً- في استئصال جذور آفة الفقر ، أو حتى التخفيف من آثارها ..؟ وهل يستطيع أغنياء العالم ومترفوه .. الذين اغتصبوا أكبر حصة من ثروة العالم .. هل يستطيعون أن ينتشلوا من براثنه بعضا ممن وقع عليهم البلاء بأكبر نصيب من الفقر ، وأوفر حصة من آثاره ؟.
ربما تبدأ الإجابة عن هذا السؤال المركب من محاولة الإحاطة « بمشكلة الفقر .. والفقراء .. والأكثر فقراً » .. في عالمنا المعاصر ، إلى الكشف عن أبعادها الإنسانية ، وتقصى آثارها على حاضر الجنس البشر ومستقبله ، ثم إلى أسلوب مواجهتها عالمياً ، ومدى صدق هذه المواجهة .. وذلك قبل الحديث عن الرؤية الجماهيرية ، ومواجهة المجتمع الجماهيري لمشكلة الفقر .. .
أولاً : الفقر .. والفقراء والأكثر فقراً
بقدر ما قدمته طفرة الاتصال والمعلومات من فرص وإمكانات بغير حدود لتحقيق الحرية ، وتحرير الحاجة ، فإن عالمنا .. ومع نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين لا يزال محكوماً بمفارقة مثيرة .. تتمثل في استمرار انتشار الفقر ، وتفاقم آثاره .. بطريقة تكشف الطابع اللإنساني للحضارة السائدة في عالم اليوم وتعرّية عندما نقترب من حقيقة حجم مأساة الفقر في عالمنا المعاصر .. نجد أنفسنا أمام ثلاث درجات من مستويات تغلغله في جسد العالم وشرايينه الفقر المدقع .. أو الأكثر فقراً .. وهي الحالة المتأخرة للمرض التي تسبق الموت مباشرة .. وسنجد ضحاياها بمعيار الدخل يعيشون بأقل من دولار واحد يومياً يشكلون خمس سكان كوكب الأرض ، ويصل عددهم إلى 1.31ملياراً .. غالبيتهم الساحقة من البلاد النامية .. وتحتل النساء بينهم نسبة أعلى من الرجال .. أما عنوانهم الدائم على خريطة العالم .. إفريقيا جنوب الصحراء ، وجنوب وغرب آسيا ، والصين ، وأمريكا اللاتينية ، والبحر الكاريبي .. يشاركهم مأساة الفقر المدقع ، الشعوب الأصلية ، والمهاجرون غير الشرعيين في الدول الغنية ..!!
< ضحايا الجوع أو الدرجة الثانية من درجات تغلغل المرض .. أعراضه الظاهرة هي الافتقار إلى الحد الأدنى من الأمان ، بسبب العجزة عن تدبير الاحتياجات الأساسية ، أو التمتع بالحقوق الأساسية .. سنجد ضحايا هذه الأعراض أكثر من ثلاثة مليارات نسمة من العالم النامي ، قرابة نصف سكان الكوكب ، عددهم ينمو دون توقف .. أما آثاره المأساوية .. فيكفينا أن نرصدها على ضحاياها من أطفال الدول النامية خلال قائمة مثيرة تضم ثمانية ملايين طفل يموتون جوعاً كل عام ، وتضم القائمة خمسين مليونا يصابون بعجز عقلي أو بدني ، ومائة وثلاثين مليونا يحرمون من فرص الدارسة ، ومائة وخمسين مليونا دون سن الخامسة يصابون بسوء التغذية ، ومائتي وستين مليونا يعانون من فقر الدم !. < من هُمْ في دائرة الفقر .. إنهم بتعريف الأمم المتحدة من يعانون «الحرمان من الخيارات والفرص ، وانتهاك الكرامة الإنسانية ،» وليست لديهم القدرة على المشاركة بفاعلية في المجتمع » .. ويعانون مادياً من عدم توفر ما يكفي لغذاء الأسرة وكسائها ، أو في عدم وجود مدرسة أو عيادة يمكن الذهاب إليها ، أو أرض لزراعة الأنتاج الغذائي ، أو عمل لكسب العيش ، أو ما يستتبع ذلك من شعور الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية بعدم الأمان ، والضعف ، والاستعباد ، والتعرض للعنف ». إذا اعتمدنا تعريف الأمم المتحدة أو توصيفها للفقر .. وإذا كانت كل درجة من درجات المرض .. تشمل - بالضرورة- أعداد الضحايا من الدرجات التالية لها .. فإننا سنجد أن 75% من سكان الكوكاً يعيشون في دائرة الفقر . هذا في الوقت الذي تؤكد كل الدراسات أن كوكباً يمتلك من الإمكانات والموارد مايكفي لتحقيق الرفاهة لكل سكان الكوكب . ثانيا : المواجهة العالمية .. لمشلكة الفقر منذ التسعينات ، وخلال القمة العالمية للتنمية الاجتماعية التي انعقدت في كوبنهاجن عام 1995مسيحي ، أكد 117رئيس دولة ، وممثلون عن بقية دول العالم « بأن القضاء على الفقر يشكل حتمية أخلاقية واجتماعية وسياسية واقتصادية للبشرية » ، كما أعلنت القمة في حينها إطاراً عاماً لحركة الأمم والشعوب في اتجاه تحقيق هذا الهدف . « أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن » إشباع الحاجات البشرية الأساسية عنصر ضروري للقضاء على الفقر ، وأن هنالك ترابطاً وثيقاً بين الاحتياجات الصحية ، والتعليمية ، والإسكانية والثقافية « .. ولقد تحولت مقاومة الفقر إلى هدف مهمين على منظومة الأمم المتحدة / وبصورة خاصة في برنامجها الإنمائي /، » . في الواقع ، فإن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من خلال تقارير التنمية البشرية قد ساهم .. في الاتجاهات التالية :- أولاً : - اعتبار أن الفقر هو «مايفرض من الخارج من غياب الفرص والاختيارات ، الأكثر أساسية للتنمية البشرية مثل فرصة العيش حياة طويلة وسليمة ، والتمتع بمستوى معيشي لائق بالإضافة إلى التمتع بالحرية والكرامة ، واحترام الذات واحترام الآخرين ». < إن هنالك ترابطاً بين حقوق الإنسان ، والتنمية البشرية المستدامة .. فلا يمكن أن تكون التنمية البشرية مستدامة في غياب الأنصاف ، وحكم القانون .. أو في وجود بوادر التمييز العرقي ، أو الديني ، أو التمييز بين الجنسين . < إن العالم لديه القدرة و القضاء على الفقر المطلق ، وإن منظومة الأمم المتحدة تلتزم توجيه المجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف < إن الاستثمار من أجل الفقراء « بما فيهم النساء والأطفال» يتيح أفضل ضمان للنمو المتواصل ؛لأنه ينطوي على تحقيق مكاسب إنتاجية في المستقبل . < إن القضاء على الفقر يمثل شرطاً غنّياً عنه للسلام ، والقبول بتحديات التنمية .. وإنه بدون المشاركة الفعالة للفقراء في التنمية لايمكن مواجهة مشكلة الفقر . ثانيا :- اعتبرت الجمعية العامة أن مواجهة الفقر .. تبدأ بإقرار الحق في التنمية كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان ، وأن التنمية بهذا المعنى .. هي عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية شاملة ، تستهدف التحسين المستمر لتحقيق الرفاهة لكل السكان على أساس مشاركتهم النشطة والحرة والهادفة في التنمية ، وفي التوزيع العادل للفوائد الناتجة عنها . إن حق التنمية لكل إنسان ، ولكل الشعوب يتجسد في وجود خطة للتنمية الشاملة يتمتع كل بثمارها . ثالثاً :- إن خطة التنمية الشاملة يتعين أن تتأسس على إستراتيجية «حق الإنسان في التنمية» ، وعلى وجوده - فاعلاً - في توفير متطلباتها .. بدلاً من « إستراتيجية الاحتياجات الأساسية للفقراء » .. التي تحمل في حياتها بعض الشفقة ، وتستبطن معنى المنّ على المواطنين المحتاجين . رابعاً :- إن مثل هذه الإستراتيجية لايمكن أن توحد إلا على أساس واحد .. هي أن يكون الإنسان موضوعاها الرئيس ، وهو هدف التنمية وأدائها في الوقت نفسه . 2/5 لقد قدمت هذه القناعات لتبني خطة متكاملة بالتصدى للفقر يلخصها أمين عام الأمم المتحدة .. أمام الجمعية العمومية على النحو التالي :- في ظل مكاسب اقتصادية لم يسبق لها مثيل .. هناك 1.2مليار شخص عليهم أن يعيشوا على أقل من دولار واحد ، ويقترن هذا الفقر المدقع بتفاوت شديد بين البلدان ، و تفاوت أشد في داخلها في كثير من الأحيان ، ما يشكل إهانة كبرى لإنسانيتنا المشتركة ، ويفاقم مشاكل كثيرة من بينهما الصراعات الدموية .. إن تعداد سكان العالم لايزال يرتفع بسرعة الزيادة التعددية وترتكز في أشد البلدان فقرا .. ولابد لنا كذلك من العمل على خفض الفقر المدقع بمقدار النصف في أنحاء العالم كافةً قبل 2015 .. وذلك في المجالات التالية :- تحقيق التنمية المستدامة - وهذا يعني قبل كل شيء ضمان تمكين جميع الناس بالبلدان النامية في الاستفادة من النماء للإيجابية للعولمة . تأمين التعليم الابتدائي لجميع الأطفال بحلول عام 2015، مع إتاحة فرص متكافئة للجنسين في جميع مراحل التعليم . < إيجاد سبل توفير فرص العمل الكريم للشباب تجاه المشاكل التي تؤثر على 90% من سكان العالم < تخفيض معدل الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة بين الشباب بنسبة 25% بحلول عام 2010. < الارتقاء بمستوى الأحياء العشوائية .. ودعم خطة العمل التي تحمل اسم « مدن بلا أحياء عشوائية ..» التي تستهدف تحسين معيشة 100مليون يقطنون تلك الأحياء بحلول عام 2020. < معالجة أوضاع الإنتاجية الزراعية المنخفضة في إفريقيا . وحث دول العالم على مساعدتها . < بناء جسور رقمية تربط البلدان الغنية بالبلدان النامية ، وتساعدهم على القفز فوق المراحل الأولى من التنمية ، وبذل كل مايمكن وصول شعوبها إلى شبكات المعلومات . < أن تقوم البلدان الغنية بفتح أسواقها أمام منتجات البلدان الفقيرة ، وأن تخفف عليها من عبء الديون بشكل أعمق وأسرع ، وأن تقدم المزيد من المساعدة الإنمائية الأفضل توجيها . أخيراً أن تتحول هذه الخطة إلى برنامج عام تمتد واجباته إلى عام 2015.. وهو مايعرف ببرنامج أهداف الألفية الذي يمكن تلخيصه على النحو التالي :- < القضاء على الفقر المدقع والجوع بتخفيض نسبة من يحصلون على أقل من دولار، ومن يعانون الجوع إلى النصف حتى عام 2015مسيحي . < تحقيق التعليم الأساسي على مستوى العام ، و ضمان حق التعليم الأساسي لكل الأطفال البنيين والبنات حتى بداية 2015مسيحي . < تحقيق المساواة بين الجنسين ، وتمكين المرأة من القضاء على التفرقة بين الجنسين في كل مراحل التعليم في وقت لا يتجاوز 2015 مسيحي . < تخصيص الأطفال حتى عام 015 2تحسين صحة المرأة الحامل و تخفيض نسبة وفاة النساء الحوامل بنسبة 75% حتى عام 2015. < معالجة فيروس نقص المناعة المكتسبة ، وقت انتشار الفيروس حتى عام 2015. < استمرارية تحسين البيئة ، حل مشاكل المياه والمناطق العشوائية ، وبناء شراكات من أجل البيئة ، وتطوير نظام يتجاوب مع متطابات ذوي الاحتياجات الخاصة . من الطبيعي أن تتحول هذه الإستراتيجية إلى إستراتيجيات فرعية على المتسوى الوطني .. وإلى خطط وبرامج تستهدف القضاء على الفقر ، والتحرر من عبودية الحاجة ، بمشاركة واسعة من المواطنين .. ويكاد يكون هنالك اتفاق عام ، في إطار المبادئ التي أعلنتها الأمم المتحدة .. يرتكز برنامج مواجهة الفقر على المستوى الوطني .. على مجموعة من القيم التي تحكم هذه المواجهة .. وعلى مهمات عملية أو برامج تقنية تحققها في الواقع العملي . أما من ناحية القيم فتتمثل في :- - إدارة سياسية مؤمنة بحق كل الناس في الحياة والحرية والكرامة الإنسانية . - مفهوم واضح لحقوق الإنسان يتخطى الحقوق الشكلية إلى حق الإنسان الجذري في السلطة ، والثروة . - رؤية موضوعية لقضية الفقر في ارتباطها الوثيق بحقوق الإنسان ، والتنمية والعدالة . أما على مستوى المهمات العملية والبرامج فقد تم :- . - تنفيذ تنمية مقاومة للفقر تحقق النمو الاقتصادي لصالح الفقراء . - توفير بنية تحتية مادية تستهدف المجتمعات ذات الدخل المنخفض . - توفير الخدمات الأساسية لكل الناس ، وتوفير فرص عمل دائمة للفقراء . - تحقيق المساواة والإنصاف بين الجنسين في الفرص والمسؤوليات . - تحقيق الأمن الغذائي للأسر ذات الدخل المنخفض . - تمكين الفقراء من السلطة ، وضمان حسن إدارة الموارد . - إدامة تجديد الموارد التي يعتمد عليها الفقراء . - الحماية الاجتماعية للفئات المضطهدة . يرتكز برنامج مواجهة فجر على الأسس التالية :- < حق الإنسان في الكرامة الاجتماعية ، وفي التعليم ، والعمل ، والصحة ، والغداء ، وحق المرأة في المساواة مع الرجل في الفرص والمسؤوليات ، وفي الحقوق المدنية والسياسية . < تنفيذ مبادرات تشريعية تتعلق بضمان حد أدنى من الدخل والتمويل الصغير ، وصناديق الاستثمار لصالح الفقراء ، وإعادة التدريب المهني ، والبرامج الإعلامية لكل الناس ، وقوانين مكافحة الفساد ، وإدارة محلية تتسم بالحيوية والنشاط . < ضمان حقوق الإنسان في حد أدنى من الدخل وفي تمويل المشروعات في حد أدنى من الدخل ، وفي تمويل المشروعات الصغيرة ، وفي الاستفادة من صناديق الاستثمارات الاجتماعية ، وفي الاستفادة من البرامج التدريبية ، وحق التقنيات في التعليم المجاني ، و المشاركة في البرامج الإعدادية ، وفي نظام ضريبي ونهائي يتم بالعدالة والنزاهة .. المحتويات مقدمة أولاً : الفقراء ، والفقر ، والأكثر فقراً . ثانيا : المواجهة العالمية ... لمشكلة الفقر. ثالثا : الطريقة العالمية لمشكلة الفقر. رابعاً : مؤسسات التوثيق والوساطة والرقابة ومشكلة الفقر . خامساً : منظمة الموفقين والوسطاء والرقابيين الأفارقة .. الفقر في إفريقيا سادساً : النظرية الجماهيرية .. ومشكلة الفقر سابعاً : المجتمع الجماهيري .. ومشكلة الفقر . ثامناً : نحو برنامج عالمي لتحدي الفقر .
محمد رضــــا طلبة نشر فى الزحف الاخضر الخميس, 1 صفر 1379 و.ر الموافق 6 يناير 2011 الـعــدد6001
امريكا ..بعيون غربية
في نهاية عام 2004 ، أصدر مركز يافا للدراسات والأبحاث بالقاهرة كتاباً
بعنوان « الإمبراطورية الشريرة » جمع ملخصات دقيقة لخمسة عشر كتاباً ،
لكتاب أمريكيين ، ممن يحتلون مكانة مرموقة ، في أوساط الفكر والثقافة ..
تشترك جميعها في موضوع واحد هو « أمريكا والعالم .. بعد عام 2001» . ولأن
المقال لايتحمل ملخصات مكثفة لهذه الكتب جميعا . فإنني أكتفي بأن أجمع
أفكارها الجوهرية ، في لوحة واحدة تكشف عن الحقيقة الأمريكية .. من وجهة
نظر من يعرفونها أكثر مما نعرف ، ويحبونها أكثر ممانحب ، ويؤمنون بها أكثر
مما نؤمن .. مجموعة من أهم رموز الفكر والثقافة في أمريكا .. عيبهم الوحيد
أنهم يكرهون الزيف ومخلصون في طلب الحقيقة .. لوحة قد تفيدنا في التعامل
معها .. أو على الأقل اتقاء شرورها .. مادامت تدس أنفها في أخص خصوصيات
شعوب الأرض جميعا . إرهاب القوي .. وإرهاب الضعيف !!
في كتاب « السلطة والرعب » .. يؤكد الفيلسوف الأمريكي « نعوم تشومسكي» .. أن للإرهاب في عالمنا طرفان .. قوي وضعيف .. وإن إرهاب القوى أشد خطورة من إرهاب الضعيف.. بسبب الإمكانات الضخمة التي يمتلكها .. وأن الإرهاب في كل الأحوال / ومهما كانت الجهة التي يصدر عنها / عمل لا أخلاقي ولاإنساني .. ومع ذلك فنحن نسارع في إدانته إذا صدر عن غيرنا .. ونستهجن إدانته إن صدر عنا .. ومع أن الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي لفلسطين هو أبشع أنواع الإرهاب .. فإننا لاندينه ونعطي الحق لها في أن تعتدي على جيرانها .. ثم نقيم الدنيا إذا تعرضت لأبسط الإعتداءات .
غياب الوضوح .. ووضوح الغياب !!
وفي كتاب « حرب السيدين بوش» لمؤلفه « إريك لوران» ..يؤكد الكاتب أن من سوء حظ العالم .. أن انهيار الاتحاد السوفيتتى، وحرب الخليج الأولى ، وتفجيرات سبتمبر 2001 ، واحتلال العراق ... كلها حدثت في حضور السيدين بوش.. الأب والابن .. ويكفي في هذا العصر أن نكشف عن قيمة واحدة من القيم التي حكمته ... يعكسا تصريحاً لـ« رامسفيلد» يرد فيه على الرأي العام العالمي ، الذي ساد قبل غزو العراق .. والذي يؤكد أن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل ، ولاعلاقة له بتنظيم القاعدة ، ولايستطيع أن يستأنف صناعة أسلحة نووية أو بيولوجية .. رد عليهم بقوله « إن غياب الوضوح .. لايعني وضوح الغياب» .. وتلك هي القاعدة التي حكمت العنجهية والتسلط الأمريكي في السيدين بوش..
الصليبية الجديدة .. عودة إلى العصور الوسطى
في كتاب مسرح الحرب « مسرح الحرب» للمفكر الأمريكي « لويس لافام» يوضح الكاتب أنه رغم أن الحرب على العراق هي جزء لايتجزأ من السياسة التوسعية لأمريكا، التي تريد الهيمنة على العالم .. إلا أن قيادة بوش للحرب .. أظهرت بوضوح أنه كان يتعامل باعتباره قائد حملة صليبية جديدة ، تشبه حملات القرون الوسطى ... ولاغرابة في ذلك .. فقد ودع بوش الأب « سابقا» الجنود الأمريكيين إلى الصومال بقوله : ـ « إننا ننفذ إرادة اللّه بأن نخوض حربا عادلة مقدسة» .. وكذلك تصريح مشابه لوزير العدل الأمريكي بأنه « في أمريكا ليس لدينا ملك ، ولكن عندنا يسوع المسيح ، وأن الحرية الأمريكية هبطت علينا من السماء» .
عالة ثقيلة على العالم :
أما في كتاب « مابعد الإمبراطورية» لمؤلفه« إيمانويل توما». يؤكد المؤلف أنه بعد تفكك الاتحاد السوفيتتي أصبحت أمريكا مشكلة بالنسبة للعالم .. لأنها لكي تطيل عمرها تلجأ إلى إشعال الصرعات والحروب ، مطالبة العالم بأن يتبعها دون مناقشة على طريق الحرب ضد دول صغيرة مثل العراق وكوريا الشمالية ، كذلك فإن صراعها ضد الإرهاب يبرر لها إعلان حرب كونية دائمة تخضع فيها الدول لقيادتها ، كذلك فإن الحرب على الإرهاب مكنت الولايات المتحدة من إخفاء نواياها الحقيقية في السيطرة على القوى الاقتصادية الكبرى في العالم ، بكل من أوروبا وروسيا واليابان والصين .. إن المشكلة الحقيقية التي أصبح يعاني منها العالم تتمثل في أن أمريكا لاتستطيع أن تعيش إلا إذا نهبت إمكانات غيرها من دول العالم .. مع أن العالم واسع جدا.. ومتنوع إلى أقصى حد ولايمكن أن يقبل بهيمنة دولة واحدة .. مهما بلغت قوتها .. وأن عالم القرن الواحد والعشرين هو عالم متعدد الأقطاب والقوى .
بين قانون القوة .. وقوة القانون أما كتاب « أوروبا .. والنظام الأمريكي الجديد» .. الذي ألفه مجموعة من الخبراء ، وصدر عن دار « لوموند» .. فيوضح أن أمريكا تريد أن تفرض أمن المنظومة الليبرالية العالمية بالقوة العسكرية ، وتصر على استخدامها كيفما تريد .. بينما تريد أوروبا إعطاء أولوية للقانون والتفاوض والتعاون بين الأمم .. وفي هذا الاتجاه فرضت أمريكا على أوروبا قرار غزو العراق ،، ورفضت التوقيع على اتفاقية الحد من اطلاق الغازات الضارة بالغلاف الجوي ، وعارضت قيم المحكمة الدولية لمجرد أن إرادتها على الأوروبيين... وينبغي على الأوروبيين أن يستعيدوا درس العراق لكي يستعيدوا كرامتهم المهدورة أمام الصلف الأمريكى.
وداعا لزمن القطب الواحد :
في « تقرير مراقبة العالم» المتخصص في رصد حال ومستقبل العالم .. الذى يصدر سنويا تحت إشراف « جارى جاردنر» في جامعة نيويورك .. نلتقي بالمؤشرات التالية عن مستقبل العالم : ـ
٭ أن أوروبا / بعد توسع الاتحاد الأوروبي ليشمل أوروبا الشرقية / ستتحول إلى فضاء اقتصادي وتجاري وحضاري عالمي.. يجعل مستقبلها أمامها لاخلفها .
٭ إن احتمال انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي يمكن أن يساعد في تشكيل فضاء إسلامي واسع ومؤثر ، وتكون تركيا فيه همزة وصل بين أوروبا والعالم الإسلامي .
٭ إن أوروبا تثق بنفسها أكثر فأكثر وبعد أن تواضعت أهدافها أخذت تقوم بالمبادرات على النطاق العالمي .. كونها قوة من الدرجة الأولى في عالم متعدد الأطراف .
٭ إن اليابان تستعيد عافيتها ، بعد أن خرجت من الأزمة المالية التي وقعت لبضع سنوات .
٭ أما الصين فإنها تشق الطريق إلى الصفوف الأولى، ويتوقع لها الخبراء أن تتحول إلى قوة عظمى خلال عشر سنوات .
بالإضافة إلى هذا كله .. تتنامى الحركات االمعادية للعولمة الجائرة واللاإنسانية.. وتظهر قدرتها على النطاق العالمي على حشد الجماهير والشعوب في التصدي لمخاطرها.
وكل هذه المؤشرات تصب في استخلاص وحيد .. أن زمن القطب الواحد قد ولى إلى غير رجعة .. ليحل محله زمن الأقطاب المتعددة .
النسر الذي فقد ظله!..
كتاب « ظل النسر » لمؤلفه الكاتب الأمريكي المعروف « هيرتسجادر» فإنه يسجل رؤية العالم لأمريكا .. بعد زيارة لخمس عشرة دولة شرق أوسطية ، وإفريقية ، وآسيوسة ..سأل عديد من سكانها .. من مختلف الفئات الاجتماعية .. كيف ترون أمريكا ؟ واستخلص من إجاباتهم الحقائق التالية : ـ
- إن الناس في إفريقيا وآسيا يعرفون عن أمريكا كل شيء ولكن أمريكا لاتعرف عنهم أي شيء .. وفسر الكاتب هذه الظاهرة بأن أمريكا تعتقد أنها ليست بحاجة إلى أحد ، وأنها تفعل ماتريد بصرف النظر عن رأي وموقف الآخرين ... لكن حوادث سبتمبر 2001 قد أجبرتها على طرح الأسئلة عما يحدث في الشرق الأوسط، وفي مناطق أخرى من العالم . - إن السياسة الأمريكية لاتمثل الشعب الأمريكي فالشعب الأمريكي لم يتخذ مثلاً قرار الحرب في فيتنام .. ولذلك شعر بالظلم ، وهو يضرب في عقر داره في سبتمبر 2001 .
- أنه إذا كان كثير من الناس في كل بلاد العالم يعيشون في ظل النسر الأمريكي على المطاعم والموسيقى والأفلام والمسلسلات الأمريكية .. فإنه نتيجة للسياسات الخاطئة .. بدأ ظل النسر ينحسر بسرعة عن كثير من مناطق العالم .
الرعب الحقيقي
كتاب «مواجهة الرعب» .. تأليف مشترك بين «روبرت سيلفرز ، وبربارة أبستين» والروائي التركي « أورهان باموق» .. ونلتقي فيه .. بباقة أخرى من الأفكار :-
-اعتبرت أمريكا أن الإرهاب هو الرعب الأكبر .. وهو الخطر الأكبر الذي يهدد أمريكا .. فواجهته بالقوة والانفراد بقرار العالم .
- أن هذه الغطرسة سببت لها العداء في كل مكان في العالم .
-إن أمريكا لاتريد أن تعترف أن جذور الإرهاب تكمن في الفقر المتزايد في جنوب العالم في مواجهة الغنى الأمريكي الفاحش ، وفي التمييز الواضح بين الإسرائيليين والعرب ، وفي الأنانية الفجة التي تدفعها إلى التفكير بمصالحها فقط ، وفي الاستهانة بالآخرين ، وفي النفاق المكشوف بين القوى الكبرى التي أعلنت تحالفها مع أمريكا ورضيت بانفرادها وحدها بقرار العالم .
- إن أمريكا - لكل ذلك - مواجهة بغضب المعذبين في الأرض وأن العداء لها يعود إلى الذل والمهانة الذي تشعر به شعوب العالم الثالث الذي تتوسع فيه شرائح الفقر بصورة مخيفة .. دون أن تدرك حقيقة أن الفقر كافر وأن الجوع لايرحم !!.
القوة .. وعكاز القوة .
كتاب « السنة الاستراتيجية 2003» من تأليف « باسكال يونيفاس» بالاشتراك مع عدد كبير من الباحثين ، صدر عن « معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية » بباريس فيه يقدم الباحثون رؤيتهم للعالم ، في مختلف الميادين الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والثقافية .. ويستخلصون هذه الأفكار :-
- أنه رغم السيطرة العالمية لأمريكا ، ورغم أنها تنفق 37 % من إجمالي الإنفاق العسكري في العالم .. فقد أصابتهم تفجيرات سبتمبر في القلب الرمزي لقوتهم الاقتصادية ، وفوق أرضهم ، ولأول مرة منذ عام 1812.
- أن نزعة التصرف المنفرد للولايات المتحدة في واجهة أزمتها ، والتأكيد الدائم على أن «من ليس معنا فهو ضدنا » سوف يؤدي في المستقبل إلى تغذية النزعة المعادية لأمريكا أكثر فأكثر .
- أن العالم يشهد تعاظماً لدور الثقافة لتصبح العالم الأساس في قوة الأمم ، وأن الأمريكيين يعتبرون أن الثقافة هي « حصان طروادة » في هيمنتهم على العالم .
- كذلك فإن الثقافة هي قوة الضعفاء ، ومن خلال تفاعلها مع غيرها من ثقافات العالم استطاعت أن تسهم في بناء عالم مشبع بالقوة والحيوية .. إن استمرار المواجهات مع الحركات المناهضة للعولمة .. واستمرار تجاهل مطالبها يعقد أزمة السياسة الأمريكية ، ويعري ويكشف حقيقتها ، ومواقفها اللاإنسانية ، والأخلاقية .
العنقاء .. وانتصار الشعوب . أما في كتاب «عنقاء الديمرقراطية » لمؤلفته «بيتا نوريس » أستاذ العلوم السياسية المقارنة بمدرسة جون كنيدي للحكم في جامعة هارفارد .. فتمد بصرها على امتداد الأفق لترى :-
- أن حب الناس للديموقراطية يشبه طائر العنقاء الأسطوري ، الذي ينبعث من رماده من جديد ، أقوى مما كان ، في كل مرة يموت فيها !!!.
- إن تزايد عدد المضربين عن التصويت ، بصورة لا مثيل لها ، يكشف في وضوح كامل عن الجوهر الديكتاتورى للديموقراطية .
- إن الأنظمة الاستبدادية .. وبصورة خاصة .. في البلاد النامية .. يعترفون بضرورة مشاركة الشعوب في الانتخابات ولذلك فإن الانتخابات والاستفتاءات الصورية مزيفة .. تصوت للزعيم بنسبة 99 % من الأصوات .
إن الانتساب إلى الأحزاب السياسية في الغرب ، قد انخفض منذ عام 1980بنسبة غير مسبوقة ، تسحب عن الانتخابات والأنظمة الناتجة عنها كل شرعية .. ويفسر الناخب الغربي ظاهرة العزوف هذه .. بأن شيئاً لم يتغير صوتاً سواء صوتوا أم لم يصوتوا !!! ، وإن اليمين واليسار وجهان لذات العملة .
نشر بصحيفة الزحف الاخضر بتاريخ 2/12/2010
http://www.azzahfalakhder.com/ar/content/view/15281/28/
في كتاب « السلطة والرعب » .. يؤكد الفيلسوف الأمريكي « نعوم تشومسكي» .. أن للإرهاب في عالمنا طرفان .. قوي وضعيف .. وإن إرهاب القوى أشد خطورة من إرهاب الضعيف.. بسبب الإمكانات الضخمة التي يمتلكها .. وأن الإرهاب في كل الأحوال / ومهما كانت الجهة التي يصدر عنها / عمل لا أخلاقي ولاإنساني .. ومع ذلك فنحن نسارع في إدانته إذا صدر عن غيرنا .. ونستهجن إدانته إن صدر عنا .. ومع أن الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي لفلسطين هو أبشع أنواع الإرهاب .. فإننا لاندينه ونعطي الحق لها في أن تعتدي على جيرانها .. ثم نقيم الدنيا إذا تعرضت لأبسط الإعتداءات .
غياب الوضوح .. ووضوح الغياب !!
وفي كتاب « حرب السيدين بوش» لمؤلفه « إريك لوران» ..يؤكد الكاتب أن من سوء حظ العالم .. أن انهيار الاتحاد السوفيتتى، وحرب الخليج الأولى ، وتفجيرات سبتمبر 2001 ، واحتلال العراق ... كلها حدثت في حضور السيدين بوش.. الأب والابن .. ويكفي في هذا العصر أن نكشف عن قيمة واحدة من القيم التي حكمته ... يعكسا تصريحاً لـ« رامسفيلد» يرد فيه على الرأي العام العالمي ، الذي ساد قبل غزو العراق .. والذي يؤكد أن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل ، ولاعلاقة له بتنظيم القاعدة ، ولايستطيع أن يستأنف صناعة أسلحة نووية أو بيولوجية .. رد عليهم بقوله « إن غياب الوضوح .. لايعني وضوح الغياب» .. وتلك هي القاعدة التي حكمت العنجهية والتسلط الأمريكي في السيدين بوش..
الصليبية الجديدة .. عودة إلى العصور الوسطى
في كتاب مسرح الحرب « مسرح الحرب» للمفكر الأمريكي « لويس لافام» يوضح الكاتب أنه رغم أن الحرب على العراق هي جزء لايتجزأ من السياسة التوسعية لأمريكا، التي تريد الهيمنة على العالم .. إلا أن قيادة بوش للحرب .. أظهرت بوضوح أنه كان يتعامل باعتباره قائد حملة صليبية جديدة ، تشبه حملات القرون الوسطى ... ولاغرابة في ذلك .. فقد ودع بوش الأب « سابقا» الجنود الأمريكيين إلى الصومال بقوله : ـ « إننا ننفذ إرادة اللّه بأن نخوض حربا عادلة مقدسة» .. وكذلك تصريح مشابه لوزير العدل الأمريكي بأنه « في أمريكا ليس لدينا ملك ، ولكن عندنا يسوع المسيح ، وأن الحرية الأمريكية هبطت علينا من السماء» .
عالة ثقيلة على العالم :
أما في كتاب « مابعد الإمبراطورية» لمؤلفه« إيمانويل توما». يؤكد المؤلف أنه بعد تفكك الاتحاد السوفيتتي أصبحت أمريكا مشكلة بالنسبة للعالم .. لأنها لكي تطيل عمرها تلجأ إلى إشعال الصرعات والحروب ، مطالبة العالم بأن يتبعها دون مناقشة على طريق الحرب ضد دول صغيرة مثل العراق وكوريا الشمالية ، كذلك فإن صراعها ضد الإرهاب يبرر لها إعلان حرب كونية دائمة تخضع فيها الدول لقيادتها ، كذلك فإن الحرب على الإرهاب مكنت الولايات المتحدة من إخفاء نواياها الحقيقية في السيطرة على القوى الاقتصادية الكبرى في العالم ، بكل من أوروبا وروسيا واليابان والصين .. إن المشكلة الحقيقية التي أصبح يعاني منها العالم تتمثل في أن أمريكا لاتستطيع أن تعيش إلا إذا نهبت إمكانات غيرها من دول العالم .. مع أن العالم واسع جدا.. ومتنوع إلى أقصى حد ولايمكن أن يقبل بهيمنة دولة واحدة .. مهما بلغت قوتها .. وأن عالم القرن الواحد والعشرين هو عالم متعدد الأقطاب والقوى .
بين قانون القوة .. وقوة القانون أما كتاب « أوروبا .. والنظام الأمريكي الجديد» .. الذي ألفه مجموعة من الخبراء ، وصدر عن دار « لوموند» .. فيوضح أن أمريكا تريد أن تفرض أمن المنظومة الليبرالية العالمية بالقوة العسكرية ، وتصر على استخدامها كيفما تريد .. بينما تريد أوروبا إعطاء أولوية للقانون والتفاوض والتعاون بين الأمم .. وفي هذا الاتجاه فرضت أمريكا على أوروبا قرار غزو العراق ،، ورفضت التوقيع على اتفاقية الحد من اطلاق الغازات الضارة بالغلاف الجوي ، وعارضت قيم المحكمة الدولية لمجرد أن إرادتها على الأوروبيين... وينبغي على الأوروبيين أن يستعيدوا درس العراق لكي يستعيدوا كرامتهم المهدورة أمام الصلف الأمريكى.
وداعا لزمن القطب الواحد :
في « تقرير مراقبة العالم» المتخصص في رصد حال ومستقبل العالم .. الذى يصدر سنويا تحت إشراف « جارى جاردنر» في جامعة نيويورك .. نلتقي بالمؤشرات التالية عن مستقبل العالم : ـ
٭ أن أوروبا / بعد توسع الاتحاد الأوروبي ليشمل أوروبا الشرقية / ستتحول إلى فضاء اقتصادي وتجاري وحضاري عالمي.. يجعل مستقبلها أمامها لاخلفها .
٭ إن احتمال انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي يمكن أن يساعد في تشكيل فضاء إسلامي واسع ومؤثر ، وتكون تركيا فيه همزة وصل بين أوروبا والعالم الإسلامي .
٭ إن أوروبا تثق بنفسها أكثر فأكثر وبعد أن تواضعت أهدافها أخذت تقوم بالمبادرات على النطاق العالمي .. كونها قوة من الدرجة الأولى في عالم متعدد الأطراف .
٭ إن اليابان تستعيد عافيتها ، بعد أن خرجت من الأزمة المالية التي وقعت لبضع سنوات .
٭ أما الصين فإنها تشق الطريق إلى الصفوف الأولى، ويتوقع لها الخبراء أن تتحول إلى قوة عظمى خلال عشر سنوات .
بالإضافة إلى هذا كله .. تتنامى الحركات االمعادية للعولمة الجائرة واللاإنسانية.. وتظهر قدرتها على النطاق العالمي على حشد الجماهير والشعوب في التصدي لمخاطرها.
وكل هذه المؤشرات تصب في استخلاص وحيد .. أن زمن القطب الواحد قد ولى إلى غير رجعة .. ليحل محله زمن الأقطاب المتعددة .
النسر الذي فقد ظله!..
كتاب « ظل النسر » لمؤلفه الكاتب الأمريكي المعروف « هيرتسجادر» فإنه يسجل رؤية العالم لأمريكا .. بعد زيارة لخمس عشرة دولة شرق أوسطية ، وإفريقية ، وآسيوسة ..سأل عديد من سكانها .. من مختلف الفئات الاجتماعية .. كيف ترون أمريكا ؟ واستخلص من إجاباتهم الحقائق التالية : ـ
- إن الناس في إفريقيا وآسيا يعرفون عن أمريكا كل شيء ولكن أمريكا لاتعرف عنهم أي شيء .. وفسر الكاتب هذه الظاهرة بأن أمريكا تعتقد أنها ليست بحاجة إلى أحد ، وأنها تفعل ماتريد بصرف النظر عن رأي وموقف الآخرين ... لكن حوادث سبتمبر 2001 قد أجبرتها على طرح الأسئلة عما يحدث في الشرق الأوسط، وفي مناطق أخرى من العالم . - إن السياسة الأمريكية لاتمثل الشعب الأمريكي فالشعب الأمريكي لم يتخذ مثلاً قرار الحرب في فيتنام .. ولذلك شعر بالظلم ، وهو يضرب في عقر داره في سبتمبر 2001 .
- أنه إذا كان كثير من الناس في كل بلاد العالم يعيشون في ظل النسر الأمريكي على المطاعم والموسيقى والأفلام والمسلسلات الأمريكية .. فإنه نتيجة للسياسات الخاطئة .. بدأ ظل النسر ينحسر بسرعة عن كثير من مناطق العالم .
الرعب الحقيقي
كتاب «مواجهة الرعب» .. تأليف مشترك بين «روبرت سيلفرز ، وبربارة أبستين» والروائي التركي « أورهان باموق» .. ونلتقي فيه .. بباقة أخرى من الأفكار :-
-اعتبرت أمريكا أن الإرهاب هو الرعب الأكبر .. وهو الخطر الأكبر الذي يهدد أمريكا .. فواجهته بالقوة والانفراد بقرار العالم .
- أن هذه الغطرسة سببت لها العداء في كل مكان في العالم .
-إن أمريكا لاتريد أن تعترف أن جذور الإرهاب تكمن في الفقر المتزايد في جنوب العالم في مواجهة الغنى الأمريكي الفاحش ، وفي التمييز الواضح بين الإسرائيليين والعرب ، وفي الأنانية الفجة التي تدفعها إلى التفكير بمصالحها فقط ، وفي الاستهانة بالآخرين ، وفي النفاق المكشوف بين القوى الكبرى التي أعلنت تحالفها مع أمريكا ورضيت بانفرادها وحدها بقرار العالم .
- إن أمريكا - لكل ذلك - مواجهة بغضب المعذبين في الأرض وأن العداء لها يعود إلى الذل والمهانة الذي تشعر به شعوب العالم الثالث الذي تتوسع فيه شرائح الفقر بصورة مخيفة .. دون أن تدرك حقيقة أن الفقر كافر وأن الجوع لايرحم !!.
القوة .. وعكاز القوة .
كتاب « السنة الاستراتيجية 2003» من تأليف « باسكال يونيفاس» بالاشتراك مع عدد كبير من الباحثين ، صدر عن « معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية » بباريس فيه يقدم الباحثون رؤيتهم للعالم ، في مختلف الميادين الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والثقافية .. ويستخلصون هذه الأفكار :-
- أنه رغم السيطرة العالمية لأمريكا ، ورغم أنها تنفق 37 % من إجمالي الإنفاق العسكري في العالم .. فقد أصابتهم تفجيرات سبتمبر في القلب الرمزي لقوتهم الاقتصادية ، وفوق أرضهم ، ولأول مرة منذ عام 1812.
- أن نزعة التصرف المنفرد للولايات المتحدة في واجهة أزمتها ، والتأكيد الدائم على أن «من ليس معنا فهو ضدنا » سوف يؤدي في المستقبل إلى تغذية النزعة المعادية لأمريكا أكثر فأكثر .
- أن العالم يشهد تعاظماً لدور الثقافة لتصبح العالم الأساس في قوة الأمم ، وأن الأمريكيين يعتبرون أن الثقافة هي « حصان طروادة » في هيمنتهم على العالم .
- كذلك فإن الثقافة هي قوة الضعفاء ، ومن خلال تفاعلها مع غيرها من ثقافات العالم استطاعت أن تسهم في بناء عالم مشبع بالقوة والحيوية .. إن استمرار المواجهات مع الحركات المناهضة للعولمة .. واستمرار تجاهل مطالبها يعقد أزمة السياسة الأمريكية ، ويعري ويكشف حقيقتها ، ومواقفها اللاإنسانية ، والأخلاقية .
العنقاء .. وانتصار الشعوب . أما في كتاب «عنقاء الديمرقراطية » لمؤلفته «بيتا نوريس » أستاذ العلوم السياسية المقارنة بمدرسة جون كنيدي للحكم في جامعة هارفارد .. فتمد بصرها على امتداد الأفق لترى :-
- أن حب الناس للديموقراطية يشبه طائر العنقاء الأسطوري ، الذي ينبعث من رماده من جديد ، أقوى مما كان ، في كل مرة يموت فيها !!!.
- إن تزايد عدد المضربين عن التصويت ، بصورة لا مثيل لها ، يكشف في وضوح كامل عن الجوهر الديكتاتورى للديموقراطية .
- إن الأنظمة الاستبدادية .. وبصورة خاصة .. في البلاد النامية .. يعترفون بضرورة مشاركة الشعوب في الانتخابات ولذلك فإن الانتخابات والاستفتاءات الصورية مزيفة .. تصوت للزعيم بنسبة 99 % من الأصوات .
إن الانتساب إلى الأحزاب السياسية في الغرب ، قد انخفض منذ عام 1980بنسبة غير مسبوقة ، تسحب عن الانتخابات والأنظمة الناتجة عنها كل شرعية .. ويفسر الناخب الغربي ظاهرة العزوف هذه .. بأن شيئاً لم يتغير صوتاً سواء صوتوا أم لم يصوتوا !!! ، وإن اليمين واليسار وجهان لذات العملة .
نشر بصحيفة الزحف الاخضر بتاريخ 2/12/2010
http://www.azzahfalakhder.com/ar/content/view/15281/28/
ليست هناك تعليقات